س: ما الذي أوحى لكم بفكرة تنظيم معرض "أطيافنا أطيافكم، رؤى واعدة لسينما رائدة"؟ وكيف وُلد عنوان المعرض؟
ماتيو أورليان: نُظّم هذا المعرض بدايةً في آرت كابيتال بارتنرز - قصر فرانكيتي في البندقية، تزامناً مع المعرض الفني الدولي الستين في بينالي البندقية.
وقد دُعيت من قبل متاحف قطر ومؤسسة الدوحة للأفلام لتقديم مشروع يعكس الاهتمام الكبير لهاتين المؤسستين بالصورة المتحرّكة، والذي يجسده فن السينما وأعمال الفيديو. كنت أعلم أن لدى مؤسسة الدوحة للأفلام مجموعة من الإنتاجات التي تنتمي إلى سينما الفن المستقل، وأنها تدعم أعمالاً سينمائية من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا، وهي مناطق تواجه تحديات كبيرة في إنتاج الأفلام بشكل مستقل. هذه الأعمال قليلاً ما تجد سبيلها إلى دُور السينما، لذا لم يكن تسليط الضوء عليها في سياق بينالي البندقية بالأمر السهل.
الأمر الجيد هو أن "الجنوب العالمي" كان محور اهتمام بينالي ذاك العام، مما أتاح مساحة للأصوات الآتية من خارج العالم الغربي. وهكذا، بدا لي من الأهمية بمكان أن نجعل الحوار بين مختلف العوالم والحضارات والفنانين الرسالة والرؤية المحورية للمعرض. لقد كان هذا المشروع مصدر إلهام كبير لي لما ينطوي عليه من أفق واسع وطابع عابر للحدود.
أما بخصوص فكرة العنوان "أطيافنا أطيافكم"، فقد جاءت لاحقاً بعد أن قضيت وقتاً طويلاً أشاهد جميع الأفلام والفيديوهات التي بين يدي، أدركت حينها أن "الطيف" يكمن في ثنايا المعرض كلّه. وهكذا، جاء العنوان بشكل عفوي إلى حد كبير، مقتبساً بشكل غير مباشر من حوار في أحد الأفلام المعروضة في المعرض، وهو فيلم "ثورة الزنج" للمخرج طارق تقيّة (2015).
أحببت هذا العنوان لأسباب عدة. هناك العديد من الأشباح في أطلال الصحارى القديمة (على سبيل المثال في فيلم "السد" لعلي شري، أو في عمل الفيديو التركيبي "العرّابة المدفونة 3" لوائل شوقي). يمكن اعتبارهم مجازاً للأجداد والتقاليد (كما في الانفجار الخارق للطبيعة الذي يهزّ البطلة الشابة في فيلم "الست" لسوزانا ميرغني). قد يكونون عطوفين أحياناً ولكن إذا أصغيت إليهم كثيراً وابتعدت عن التواصل مع بني جنسك، فقد يقودونك إلى الجنون والعنف (كما في فيلم "أبو ليلى" لأمين سيدي بومدين)، فالشبح له وجوه متعددة.
كما أنني معجب بمفهوم "الطرف الشبحي" أو "الوهمي"، أي الإحساس بشيء حاضر/غائب في آن واحد، وهو شيء لا يكتمل أبداً.
من منظور تقييم المعارض، قد يكون هذا الطرف الشبحي أشبه بغرفة خفية، أو رسالة مستترة، أو شيء لا يمكنك الولوج إليه حقاً. هذه الفكرة جزء من النسيج العاطفي للمعرض، لا سيما في نسخته المُقامة في الدوحة، حيث تبدأ برؤية روحانية وآثارية للصحراء، وتختتم بـ "صحراء 2.0"، وهي صحراء من المستقبل تتجلى في أعمال صوفيا الماريا المميزة.
كنت مهتماً جداً بكلمة "طيف"، لأنها بدورها مستوحاة من فيلم مشارك، ورأيت أنها ستكون مناسبة في العنوان. هكذا جاء "أطيافنا أطيافكم"، بما يحمله من إشارة إلى فكرة التبادل بين "نحن" و"أنتم"، أو "أنا" و"أنت" كما لو أن العلاقة بين الكلمتين تعكس أحدهما الأخرى. كان عنواناً لافتاً يستحضر فكرة حوار وجداني متبادل بين طرفين؛ قد يكون الفنان والجمهور، أو القيّم الفني والفنان، أو كل من يشارك في تجربة المعرض.